إياكم والخوض فى أعراض المسلمين والمسلمات

الحمدُ للهِ رافعُ الدَّرجات لمن انخفضَ لجلاله, وفاتح البركات لِمَنْ انتصب المنزَّل عليهِ قلشكر إفضالهِ , والصلاةُ على مَن مدَّتْ عليْهِ الفصاحة رِوَاقَهَا, وشَدَّتْ بهِ البَلاغة نِطَاقَهَا, رآنُ عربىُ غَير ذى عوجِ , وعلى آله الهادين , وأصحابهِ الذين شَادُوا الدِّين , وشَرَّف وكَرَّمَ
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
أما بعد:
فى هذه الأيام كثر الكلام فى أعراض المسلمين و المسلمات بدون وجه حق ولا حول ولا قوة إلا بالله, وكثيرا ما نسمع من يتكلم عن أخواتنا المسلمات بالسؤ,ويتهمهم بارتكاب الفاحشة بكلام صريح , ونريد أن نوضح هذا القول وما يترتب عليه شرعا,
فهو معروف فى الشرع بالقذف,وهو فى اللغة معناه الرمى بحجر أو ما يشبهه ,وشرعا الرمى بفاحشة الزنى أو مايستلزمه كالطعن فى النسب,وهذا الفعل له حد فى الشرع , فى قوله تعالى(والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون.إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم)
ومعنى المحصنة فى الأيه المرأة التى تمنع نفسها من كل سؤ, فعقوبة القاذف هنا بثلاث عقوبات:
أولها حسية :وتتمثل فى جلدهم ثمانين جلدة.
وثانيها معنوية:وتتمثل فى عدم قبول شهادتهم ولا يصدق الناس أقوالهم فيصبحوا أشبه بالمنبوذين.
وثالثها :دينية :وهى وصفهم بالفسق أى الخروج عن طاعة الله؟
تلك هى العقوبة لمن يتجرأعلى قول ذلك والعقوبة الأولى اتفق الفقهاء على أنها لا تسقط حتى ولو تاب الفاذف ,ولا يسفط هذا الحد إلا إذا ثبت الزنا ,ولكن هيهات أن يثبت لأنه من الصعب أن تأتى بأربعة شهداء, أو أن يعترف الشخص بارتكاب تلك الفاحشة.ونقول أتقوا الله يا عباد الله ,واعلموا أنكم إن فلتم منها فى الدنيا فكيف تهربون فى الاخرة,فإن الله عز وجل يملى للظالم فإذا أخذه لم يفلته,
وهذه التهمة الخطيره لم تسلم منها سيدة نساء العالمين السيدة مريم رضى الله عنها قال الله عز وجل(يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين)
وعن أبى موسى رضى الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم <كمل من الرجال كثير, ولم يكمل من النساء إلا اسية امرأة فرعون ومريم ابنة عمران وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام> ومع فضلها الذى لا ينكره أحد فقد أتهمت بتلك الفرية الكاذبة ,ولكن كيف حصلت برائتها من هذا الإفك ؟
لقد نذرت أن تصوم عن الكلام فى ذلك اليوم لأن الله سيكفيها مكر هؤلاء الناس؟
قال تعالى( فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئتى شيئا فريا .ياأخت هارون ما كان أبوك امرأ سؤ وما كانت أمك بغيا) فبماذا أجابت السيدة مريم على هذا القذف ؟ لقد سكتت وأشارت إلى وليدها فسألوها باستهزاء كيف نكلم من كان فى المهد صبيا؟
وعندها تكلم سيدنا عيسى ولكن انظر ماذا قال هل قال أنا ابن الله؟
لا والله قال إنى عبد الله ,أول شئ تكلم به أن برأ ربه عز وجل عن الولد وأثبت لنفسه العبوديه, (لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله), والعجيب أن الأناجيل كلها لم تذكر هذا الحدث لأن فيه إبطال ما هم عليه من التثليث والشرك بالله عز وجل فجعلوا له ولد وصاحبه ,وسبحان الله رب العالمين.
بارك الله لى ولكم فى القرآن العظيم ونفعنى وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم , ادعوا الله عسى أن تكون هذه ساعة إجابه.


الحمد لله الذى يقبل التوبة عن عباده و يعفو عن السيئات و يعلم ما تفعلون ويستجيب الذين امنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد)
وأشهد أن لا إله إلا الله المللك الحق المبين وأشهد أن محمدا رسول الله إمام الأنبياء وسيد المصلحين
وبعد:
أرأيتم خطورة هذه الكلمة التى قد يهلك الإنسان بسببها وهو لا يشعر فقد جاء فى الحديث عن أبى هريرة رضى الله عنه ,عن النبى صلى الله عليه وسلم قال:إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقى لها بالا,يرفع الله بها درجات , وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقى لها بالا يهوى بها فى جهنم.
وممن أتهمة فى شرفها بهذه الفرية أيضا السيدة عائشة رضى الله عنها,
خرجت مع النبى صلى الله عليه وسلم فى غزوة بنى المصطلق وحملت على هودج, وبعد أن انتهت الغزوة وآذنوا بالرحيل خرجت فى حاجة لها ولما انتهت تلمست صدرها فإذا عقد لها قد انقطع ,فبحثت عنه فجاء القوم فحملوا الهودج وانطلقوا,فظنت انهم سيفقدونها فيعودوا ,وكان صفوان بن المعطل السلمى قد تأخر فعرفها فحملها على راحلته ولم يكلمها كلمة حتى إذا وصلوا إلى المدينة قال عبد الله بن أبى ابن سلول زعيم المنافقين من هذه؟ فقالوا عائشة, قال امرأة نبيكم باتت مع رجل غريب والله ما نجت منه وما نجا منها, فهلك فى قوله واتبعه كثير من الناس فنزل قول الله عز وجل(إن الذين جاؤا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم )
خير لكم لماذا؟ لأنه كشف قوى الإيمان من ضعيفه, ولأنه فضح المنافقين,
وقال تعالى (إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم) ,فعلوا مثل بعض الناس اليوم يسمع وينقل الظن السئ دون علم أو دليل ,وتحسبون هذا الفعل هين وهو عند الله عظيم, وكان ينبغى عليهم أن يمتثلوا قولع عز وجل (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين.لولا جاءو عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون)
وكان اللأق بهم أن يقولوا(ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم)
وأخيرأقول كلمة لأخواتى المسلمات ,أقول إن من يضع نفسه موضع الشبهات فلا يلومن إلا نفسه, فلا يجوز لها أن تخلوا برجل فى الشارع أو التكتك أو أى مكان (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون)
اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا فى أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين) اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك و المشركين ,اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعا ,وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابا
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا, وصلوا رحمكم الله على نبيكم فى هذا اليوم المبارك
عباد الله (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون)وأقم الصلاة.....