فخورة لأني امرأة

إذا خرجت الزوجة مع زوجها سارت خلفه.. وإذا أراد أن يناديها نادها باسم أكبر أبنائها، وإن لم يكن لها ولد، ذكر اسمها على استحياء وبصوت منخفض، وأحيانًا لا يُذكر اسمها في بطاقات التهنئة أو التعازي، وإذا فرض الموقف على المرأة التعامل مع الرجل – وهي ملتزمة بحجابها وبضوابط الشرع – رأيت الرجل إذا تحدث معها – خاصة المتدين – ينعقد لسانه ويتلعثم ويدور يمينًا ويسارًا؛ مما يشعر المرأة بالحرج، فتظن أن بها شيئًا معيبًا، مما يهز ثقتها بنفسها، في حين أنه عندما يتحدث مع أخرى غير محجبة ينطلق لسانه متحدثًا بثبات وثقة.. هذه وغيرها مظاهر تعكس ازدواجية في الفهم، وخللاً في الوعي بدور المرأة، وواقعًا يجب أن يتغير!

لنعود بالتعامل مع المرأة إلى القرون الأولى (صدر الإسلام) حينما كانت المرأة عاملاً أساسيًا في نهضة الأمة وبناء حضارتها..

إن الذين يتعاملون مع المرأة على أنها إنسان من الدرجة الثانية، فلا ينادونها – مثلاً – باسمها، نسوا أن الله (عز وجل) ذكر بعض النساء في كتابه العزيز بأسمائهن، فهذه مريم ابنة عمران لم يتحدث القرآن الكريم عنها بكنيتها (ابنة عمران)، بل ذكرها باسمها، ثم نسبها إلى أبيها، وكذلك الأحاديث النبوية تحدثت عن خصوصيات البيت النبوي، وذكرت أمهات المؤمنين بأسمائهن دون أي حرج في ذلك.

فالمرأة هي خديجة بنت خويلد (رضي الله عنها) أم المؤمنين، التي وقفت بجوار زوجها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ونصرته وآزرته.

وهي عائشة (رضي الله عنها)، التي كانت مرجع النساء والرجال من رواة الحديث، وكان معاوية بن أبي سفيان (رضي الله عنه) يكتب إليها من دمشق يسألها عما غمض على الفقهاء والرواة في التفسير والحديث.

وهي أسماء بنت أبي بكر التي لم يقلّ دورها في الهجرة عن دور سيدنا علي (كرم الله وجهه)، فقد كانت تصعد الجبل – الذي حينما تراه تدرك أن صعودها له (رضي الله عنها) كان معجزة لشدة ارتفاعه – حاملة الزاد إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصاحبه، وهي مع ذلك كانت تحمل جنينها في أحشائها.

وهي أم سلمة هند بنت أبي أمية – صاحبة الرأي السديد والعقل الراجح، والفكر الثاقب – التي أشارت على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في صلح الحديبية – بعد عدم استجابة المسلمين لأمره – بأن يقوم فينحر ويحلق، فأخذ (صلى الله عليه وسلم) بمشورتها، فلما رأى أصحابه ذلك قاموا فنحروا وحلقوا.

وهي كعيبة بنت سعد الأسلمية الطبيبة التي بايعت الرسول (صلى الله عليه وسلم) بعد الهجرة، وقد أعطاها (صلى الله عليه وسلم) سهم الرجل المجاهد في غزوة خيبر، حيث كانت لها خيمة في المسجد لتداوي الجرحى، وتواسي المرضى.

هذه هي المرأة في العصور الزاهرة، يسطر لنا التاريخ دورها في كل ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية، تركت لنا بصماتها لنقتدي بها ونتلمس روحها وخلقها وهمتها، ونعلن لأصحاب الفهم الناقص الذين أرادوا للمرأة أن تكون رهينة المحبسين (الفقر والجهل): إننا فخورات لكوننا نساءً.

جزاك الله كل خير
وجعله في موازين حسناتك
ابدعت في طرحك الرائع
يعطيك العافيه