الشباب أيها
الأحبة، الشباب ألم وأمل، وأتعرض في هذا الموضوع لاستبانة قام بها بعض
الباحثين، أعرض لبعض نتائجها من خلال الطرح، وكان عدد العينة في هذه
الاستبانة مائتان وسبعة وسبعون شاباً، وأشكر حقيقة كل من شارك في هذا
الموضوع، وأدعو الله جل وعلا أن لا يحرمهم الأجر والثواب في الدنيا
والآخرة، ثم إن سبب هذا الموضوع إصرار الكثير من الشباب التائبين
والغافلين النادمين على توجيه كلماتٍ للشباب الذين غرقوا في وحل الغفلة
والشهوات، ومستنقع الرذيلة واللذات فكانت هذه الكلمات، وإذا قلت الشباب
ألم وأمل فألمٌ وأمل كلمتان ليس هناك فرقٌ بينهما في الحروف، ولكن هناك
بونٌ شاسع جداً بين معناهما، فهل أنت أيها الشباب أمل فنعقد عليك الآمال،
أم أنت ألمٌ فتزيد الآلام آلاما.
أيها الشباب، أنتم أملٌ تعلقت به
القلوب وأملٌ تنتظره هذه الأمة فأنتم ثروتها وأنتم سر قوتها، وإذا أردتم
أن تنظروا للمستقبل كيف يكون فانظروا للشباب اليوم كيف هم؟ ولو نظرت أنت
لنفسك بصدقة وشجاعة ربما انتقل هذا الأمر وهذا الأمل إلى ألم ومرارة، فكيف
لو نظرت إلى أصحابك وجلسائك، بل كيف لو نظرت إلى مئات وآلاف من شبابنا
وحالهم وواقعهم، لكني أتمنى أن يحرك هذا الألم قلبك الطيب، فيعيد الأمل
لنفسك بل لنا، بل للأمة كلها فهي تنتظرك، تنتظر عودتك إلى الجادة، لتبني
حضارتها وتساهم في نهضتها، والمصيبة أن يتعثر الأمل فيصرخ من شدة الألم،
لكن:
ما زال في الأرض ميدانٌ ومتسع *** للخير يدركه من جد في الطلب
ولم يزل في نفوس الناس منطقةٌ *** محميةٌ سُكنت بالخوف والرعب
ولم تزل نخلة الإسلام باسقةً *** مليئةً بعذوق التمر والرطب
ولم تزل واحة الأخلاق مخصبةً *** فيها مشاكل من تينٍ ومن عنب
أيها
الإخوة، لو أقسمت بالله أن كل شابٍ مهما كان بعيداً عن الله فإن فيه خيراً
ما حنثت، لولا أنه أُتي من سوء فهمه أو غفلة أو شهوة، ولا أدل على ذلك من
تلك الدمعات التي ينثرها الكثير من الشباب بعد الوقوع في المعصية، وتلك
الحسرات التي يطلقها على حاله وحال إخوانه عند الحديث عن واقع الشباب، بل
وتلك الصيحات والنداءات منهم، والتي تنادي أن أمسكوا بأيدينا قبل الوقوع
بالهاوية...مشاعر وعواطف قلب
أخي الشباب، أيها الحبيب الغالي: هل رأيت
يوماً من الأيام أو حتى سمعت في عالم الأحلام عن قلب يتكلم، نعم ..إنه قلب
المحب، يتكلم ويتألم، وهذا حديث القلب من المحب للحبيب، نعم فأنا المحب
وأنت الحبيب، أنت الحبيب فأنت الأمل وأنت المستقبل، وأنت غراس المجد ونبت
الهدى، أنت أخي وصديقي وأنيسي ورفيقي، لا تظنه نثراً من الأدب ولا شعراً
من الطرب، إنه حديث القلب بعيداً عن المداهنة والمجاملة، والثناء المتصنع،
لكنه خفقان الجنان الذي يسبق اللسان فيحبس البيان، والله العظيم لو كنت
أملك الهداية والسعادة لبذلتها لك، لكني أستطيع كغيري فعل السبب من كلمة
طيبة، ونصحٍ صادق، وتوجيهٍ وإرشاد، فهاك إياها، هاك إياها من قلب المحب
فهل قلب الحبيب يسمع؟
يا إخوتي يا شباب الحق همتكم *** تسمو بكم عن دروب الطيش والصخب
أحبكم يا شباب الحق محتسباً *** ولن يضيع ربي أجر محتسي
أدعو لكم بصلاح الأمر في زمنٍ *** سواد ظلمته يطغى على الشهب
أقول لا تفتحوا باب العقول لمن *** يدعو إلى اللهو والتهريج واللعب
لا يجرمنكم شنآن من فسقوا *** على سلوك طريق العنف والشغب
أيها
الشاب: يعجبني فيك الحياء والخجل مهما كان منك، فقد جلست مع عشرات الشباب
ممن وقع في كبائر الجرائم والآثام، وقد لاحظت على الجميع بدون استثناء في
بداية كل لقاء الاستحياء والتردد والخجل، بل وصل الأمر عند بعضهم أن لا
يرفع طرفه عن الأرض وهو يتحدث عن ماضيه، وكأن لسان حاله يقول:
لا تحسبوا أني جمّدت عاطفتي *** إني لأبكي على حالي وأنتحب
لست الغريب دياراً عن بني وطني*** ولا إلى ساقط الأقوام أنتسب
لكنهم رفقة السوء الذين قضوا *** أيامهم لعباً وما مثله لعب
رافقتهم آكلاً من جنس ما أكلوا *** وقد شربت من الكأس التي شربوا
يا قاتل الله من باعوا ضمائرهم *** وألبسوني لباس الخوف وانسحبوا
كانوا معي إخوةً حتى إذا علموا *** أني فقدت معاني همتي ذهبوا