كلمات طيبات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إذا أردت أن تمارس الخلق الحسن التى وصانا بها الله فى كتابه العزيز
ورسوله صلى الله عليه وسلم بأقواله و فعاله ، فاعلم أن البداية يجب أن
تكون مع الوالدين والأقربين ، فعندما تقرأ قوله تعالى : " وَسَارِعُواْ
إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ
وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي
السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ
النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " ،
وقوله صلى الله عليه وسلم : " تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ
صَدَقَةٌ وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُكَ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ
وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أرْضِ الضَّلَالِ لَكَ صَدَقَةٌ وَبَصَرُكَ
لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ الْبَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ وَإِمَاطَتُكَ الْحَجَرَ
وَالشَّوْكَةَ وَالْعَظْمَ عَنْ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ وَإِفْرَاغُكَ
مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ " ،
وقوله عندما سئل ( قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْإِسْلَامِ
أَفْضَلُ ؟ ) قَالَ : " مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ
وَيَدِهِ " .
فكلمة ( الناس ) التى ورد ذكرها فى الآية و كلمة ( أخيك ، المسلمون ) فى
الحديث لا ينتبه كثير من الناس إلى أن الوالدين والأقربين يدخلون فيها ،
والبعض الآخر لا ينتبه إلى أن دخولهم فيها إنما هو دخولا أوليا ،
فإن كنت أحد هذين الإثنين فاعلم أنك يخشى عليك من الرياء ، و عدم الصدق فى إمتثال أمر الله ورسوله ،
فمثلك كمثل من يتصدّق ولا يؤدى الزكاة التى عليه ، وكمن يصلى النوافل ولا يؤدى الفرائض ، ترى هل ستقبل منه ؟
هل يُعد مخلص محسن قائم بأمر الله ؟ !
فينبغى أن تعلم أن ( الناس والإخوان والمسلمين ) قد يجدوا من يتكفل بهم
ماديا ومعنويا ، فدورك تجاههم إنما هو فرض كفاية لا عين ، أما والداك
وزوجك وأبناؤك وأقاربك فمن لهم ؟
من يسلموا منه إن لم يسلموا من لسانك أنت ويدك ؟
من يكظم غيظه ويعفو عنهم ويحسن إليهم إن لم تكن أنت ؟
من يبتسم فى وجههم ؟
من يعطف عليهم ؟
من يحتويهم ؟
من يعطيهم من وقته و صحته وصبره وعاطفته وخبرته واهتمامه ؟
من يعلمهم العلم النافع ويحثهم على العمل الصالح ويؤدبهم ويقوّم سلوكهم بألطف الطرق وأحسنها ؟
من سيعينهم على أمر دنياهم وآخرتهم ويحرص عليهم إن لم تكن أنت ؟
فكم يؤلمنى أن أرى الرجل حسن الخلق مع العامة ويهتم بشئونهم ، و الأقربين
منه هم أقل من ينال نصيب من هذا الإحسان وهذا الإهتمام إن نالهم منه شئ
أصلا ،
ألا تدرى أنك أول وأكثر من سيتأذى بهم فينتهى بك الحال إلى أن تنفر من
مجالستهم والعيش معهم فضلا عن تأذى بهم الناس ، فحتى إشفاقا على المسلمين
كف أذاهم عنهم أليس ذلك صدقة ؟
وكم تسعدنى كلمة ( أن عائلتى هى أول إهتماماتى ) ، ويسعدنى أكثر منها
تحقيقها بالفعال و الإستمرار عليها ورؤية آثار ذلك مما يجعلنى أغفر وأسامح
أى تقصير تجاه العامة .
فإن قلت : إن المصلحة العامة مقدمة على الخاصة .
قلنا لك : أليست فروض الأعيان مقدمة هى أيضا ؟!
ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ وَدِينَارٌ
تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ
أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ "
فمن أولى بمالك ووقتك وجهدك حتى تقيه وتقى نفسك نارا وقودها الناس والحجارة ،
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا
وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ
لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ "
فهذه كلمة عامة للمسلمين والمسلمات أحببت أن نتعرف من خلالها على المعيار الحقيقى الذى يحدد قدر إحساننا وفقهنا وإخلاصنا وصدقنا .