المراهقة المتأخرة .. رجل وامرأة

المراهقة المتأخرة ..
رجل وامرأة!

للكاتبة :منى
مصطفى محمود
تظل المراهقة المتأخرة تمثل إحدى المشكلات التي
تؤرق الطرفين سواء أكان رجلا أو امرأة، فالرجل قد يقع فريسة الحب في سن متأخرة
ويرتبط بعاطفة جياشة مع فتاة قد تكون في سن المراهقة، والعكس صحيح، أن المرأة والتي
قد تكون مصيبتها أشد وطأة من الرجل – لأن المرأة سمعة – يتطلب منها الحفاظ عليها
مهما كانت الأسباب، قد ترتبط بشاب لا يسعى إلا لإشباع نزوة حيوانية تكمن بداخله،
وقد تنتهي بزواج لا يجنى إلا الفشل ولا يدوم أبدا إلا إذا كان هذا الزواج وراءه
مصلحة وغالبا ما تكون مادية.

فدورة الحياة تمر بمراحل مختلفة تبدأ بمرحلة الطفولة
ثم المراهقة، ثم مرحلة الشباب والنضج وتنتهي بالشيخوخة، وبينما ينتقل البعض من
مرحلة لأخرى يكون هذا الانتقال لدى البعض الآخر مصحوبا بأزمات تتفاوت في شدتها
وأعراضها بحسب قدرة الإنسان على استقبال مرحلة جديدة من حياته والتكيف مع طبيعتها
ومظاهرها، وهناك صعوبة في التغييرات إما أن تكون داخلية كإحساس الإنسان بنفسه
وخارجية عندما تتغير نظرة الآخرين له أولهم الزوج أو الزوجة.

المراهقة المتأخرة عند الرجل مثلا مرحلة يمر بها
الرجل لتعانى منها المرأة، ويعتبرها البعض مجرد حالات فردية قليلة، إلا أن هذه
الرؤية أدت إلى تجاهل ظاهرة خطيرة تمر بها أسر كثيرة، ومع غياب ثقافة اللجوء إلى الأطباء
المختصين بعلم النفس والاجتماع عانت العديد من الأسر من هذه الظاهرة بدون القدرة
على استيعابها أو محاولة تفاديها أو مواجهتها واحتواءها. ومن أهم العوامل التي
تؤدى بزيادة الأزمة أنه عدد غير قليل من الرجال يعانون من أزمة منتصف العمر خاصة
إذا تزامنت مع وجود العوامل المؤدية إلى الخلل فى العلاقة الزوجية أو مع الأبناء، وإحساس
الرجل بأنه لم يحقق كل ما كان يحلم به، وتقييم الرجل لنفسه يرتبط بنجاحه في عمله
ومواجهته للفشل في هذه المرحلة، أيضا عدم الاعتياد على التعامل مع الضغوط
والمسئولية وتجاوز العقبات.

فعدم التوافق الفكري والاجتماعي مع الزوجة في
مقابل احتكاكه بالأخريات فى بيئة العمل أو الحياة الاجتماعية، أيضا الزواج وتحمل
المسئولية في سن مبكرة مع استمرار الزواج لسنوات دون وجود لغة حوار بين الزوجين أو
اهتمامات مشتركة، فيشعر الرجل بعد أن وصل لمرحلة النضج بالرغبة في أن يعيش حياته
من جديد وقد يساعده على ذلك استقراره المادي، فيبدأ بالبحث عن فتاة صغيرة وسرعان
ما يتوهم بالحب معها.

ومن أهم الأعراض التى تظهر على حالات المراهقة
المتأخرة تتمثل فى سخط وملل فى نمط الحياة مع عدم الشعور بالرضا فيما مضى، والتذمر
والرغبة بالقيام بشئ مختلف تماما، والمصاحبة لحالات من الشك فى القرارات التى
اتخذها فى السنوات الماضية ومدى صحتها، والإنهاك وكثرة الشرود مع أحلام اليقظة، والحدة
والغضب المفاجئ، وزيادة مفرطة أو تراجع حاد فى الرغبة الجنسية، والانجذاب للفتيات
الصغيرات، وأخيرا زيادة كبيرة أو تراجع حاد فى الطموحات.

ويلجأ الرجال فى محاولات مختلفة للإفلات من
الإحساس بالأزمة بمحاولة تجديد الشباب إما بالتمرد على الشعر الأبيض، والتمسك
بالطابع الشبابى فى المظهر والملبس، ومحاولة تجديد المشاعر عن طريق إمرأة أخرى أو
زوجة ثانية صغيرة يشعر معها بأنه مرغوب، وتشعر هى أنها منبهرة بحديثه ونجاحه
وخبرته في الحياة، مع ارتكاب أخطاء لا تتناسب مع ملامح الوقار، وأخيرا قد يلجأ
البعض إلى اتخاذ قرار الطلاق وسريعا ما يكتشف بعدها أن هذا القرار لم يكن فى صالحه.

وللخروج من هذه الأزمة، هناك عدة طرق تتمثل فى
المصارحة مع النفس ومع الطرف الآخر وهى (الزوجة)، ومنها العلاج الشخصى
كاعترافه والقبول بالتغيرات الطبيعية التي طرأت عليه، وأيضا التخلص من الارتباطات والضغوط
والتوتر الذى يقع على كاهله، ومحاولة التعرف على آراء جديدة واستيعاب وجهات النظر الأخرى
والمحاورة مع الآخر، ومحاولة استعادة أصدقاء الدراسة، فهم غالبا يمرون بنفس الحالة
والحاجة.

وهنا يقع على عاتق الزوجة دور آخر فى إنعاش
العلاقة الزوجية، فالزوجة الصديقة هى المنقذ الوحيد لزوجها من أزمة منتصف العمر، وعليها
الارتباط بعلاقة صداقة وثيقة معه، وعدم الانشغال منذ وقت مبكر بالأطفال حتى لا يتراكم
التباعد، فيعتاد الزوج انشغالها عنه وانشغاله عنها بأمور أخرى أو اهتمامات لا تكون
هى طرف فيها، فمثلا لا تنتقده ولا تسخر منه بل تكثر من الإطراء على مظهره وتعبر عن
حبها وإعجابها به، كما تمنحه ما يحتاجه المراهق من حب ورومانسية ومغامرة، وأن
تشعره بأهميته وتبحث عن التغيير والتجديد ومشاركته فى هواياته، وكذا إضافة بهارات
جديدة للحياة وكسر الروتين بدعوته للعشاء فى أحد المطاعم أو القيام بنزهة معه، أو
تغيير أثاث المنزل أو تغيير ترتيبه، وأن تدرك أن الإنسان يحق له أن يبحث عن
السعادة مهما تقدم به العمر ولكن دون أن يؤثر على الطرف الثانى، كى تكتمل السعادة
الزوجية.

الله يجزاك الف خير يآرب
ويجعلها بموازين حسنآتك يآرب
ودي